فرنسا

تعرف إلى العائق الخفي الذي يحول دون اندماج المهاجرين في المجتمع الفرنسي

اخبار فرنسا-تواجه فرنسا تحديًا كبيرًا يتمثل في الأمية بين بعض المهاجرين الذين لم يتلقوا سوى الحد الأدنى من التعليم أو لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس مطلقاً.

ورغم تمكن بعضهم من التحدث بالفرنسية شفهيًا، إلا أن عدم قدرتهم على القراءة والكتابة يشكل عائقًا كبيرًا أمام اندماجهم في المجتمع الفرنسي. في هذا المقال، نسلط الضوء على جهود جمعية “FLE et Compagnie” لدعم هؤلاء الأفراد في التغلب على هذه التحديات.

مقر الجمعية: حيث يبدأ الأمل

في مقر جمعية “FLE et Compagnie” الواقع بالقرب من “بورت دو شوازي” في الدائرة 13 جنوب باريس، ينهمك الطلاب في دراسة اللغة الفرنسية حول طاولات كبيرة داخل غرفة ذات جدران بيضاء وخضراء. مساء كل ثلاثاء، يعمل خمسة طلاب بجد لتحضير أنفسهم لاختبار دبلوم اللغة الفرنسية (DELF)، حيث يتعين عليهم كتابة نصوص تصف المدن التي يحبونها والأعياد التقليدية في بلدانهم.

قصص من قلب التحدي

الشاب سيبي من موريتانيا، الذي وصل إلى فرنسا في عام 2018، يحاول كتابة ذكرياته عن مدينة مورو التي عاش فيها لفترة. بجواره، تجتهد مريم في وصف مهرجان المياه الذي تحتفل به قريتها في مالي. هؤلاء الطلاب، البالغون الأجانب الذين لم يتلقوا تعليمًا كافيًا أو لم يرتادوا المدرسة مطلقًا، يجدون صعوبة كبيرة في التعامل مع النصوص المكتوبة رغم قدرتهم على التواصل شفهيًا.

التصنيف والتعليم

داخل الجمعية، يتم تصنيف الأشخاص الذين التحقوا بالمدرسة لمدة تقل عن خمس سنوات أو لم يدرسوا أبدًا على أنهم أميين. يتم توجيههم نحو دورات محو الأمية التي تقدمها الجمعية، والتي تأسست في عام 2013 بواسطة إيمانويل جودارت، معلمة اللغة الفرنسية. تشير الإحصاءات إلى أن نسبة الأمية في فرنسا بين السكان تتراوح حول 1%، لكن هذه النسبة ترتفع بشكل ملحوظ بين المهاجرين، مما يعقد عملية اندماجهم في المجتمع الفرنسي.

العوائق اليومية

القدرة على القراءة والكتابة تعد أمرًا أساسيًا في الحياة اليومية، وخاصة في عملية تقديم طلبات اللجوء. يؤكد موظفو الجمعية أن اللاجئين يتلقون كمية هائلة من المعلومات المكتوبة، من وسائل النقل إلى متابعة تعليم الأطفال، وحتى العمل في مواقع البناء يتطلب قراءة تعليمات السلامة.

التحديات أمام النساء

حصلت أميناتا، لاجئة من السنغال، على وضعية اللاجئ في مارس 2023، لكنها تواجه صعوبة في الاندماج المهني بسبب حاجز اللغة. لم تتمكن من التسجيل في تدريب في مجال التجميل لأنه يتطلب مستوى دراسي يعادل الصف العاشر. أميناتا، التي تعلمت فك رموز بعض الكلمات، لا تزال غير قادرة على قراءة النصوص بالكامل، مما يعوق تقدمها.

رحلة التعلم

يصف سيبي، الذي اضطر لترك المدرسة في سن 11 بسبب الظروف المالية، كيف أدرك أهمية الكتابة عندما انتقل إلى العاصمة نواكشوط للعمل. منذ وصوله إلى فرنسا في عام 2018، أصبح تعلم القراءة والكتابة أكثر إلحاحًا. يأمل سيبي في تسوية أوضاعه يومًا ما، لكنه يواجه صعوبة في العثور على وظيفة دون القدرة على قراءة الإعلانات والتعاقدات بوضوح.

التحديات الرقمية

تحول الكثير من المعاملات إلى الإنترنت يزيد من تعقيد الحياة اليومية للأميين. يُعاني هؤلاء الأفراد من اعتمادهم على الآخرين لإتمام إجراءاتهم الروتينية، مثل تجديد تصاريح الإقامة أو طلب المساعدات. تقول ماريان بيل، مديرة مشروع تعلم اللغة الفرنسية في جمعية “لاسيماد”، إن المجتمع الرقمي الحالي يمثل تحديًا كبيرًا للأشخاص غير القادرين على القراءة.

أمل في المستقبل

تقدر إيمانويل جودارت الجهود الكبيرة التي يبذلها طلابها لتعلم اللغة الفرنسية، رغم صعوبة التعلم كشخص بالغ. وتؤكد أن القدرة على التعبير كتابيًا تكتسب أهمية خاصة منذ صدور قانون اللجوء والهجرة الجديد، الذي يتطلب من الراغبين في الحصول على تصريح إقامة متعدد السنوات إثبات مستوى A2 في اللغة الفرنسية.

مع اقتراب نهاية الدورة في الجمعية، يستعد الطلاب لاختبار DELF، على أمل الحصول على دبلوم يعترف بمستواهم في اللغة الفرنسية. هذا الدبلوم ليس فقط مفتاحًا للحصول على الأوراق الرسمية في فرنسا، بل هو أيضًا رمز للجهود المبذولة للتغلب على “العائق الخفي” للأمية وتعزيز فرص الاندماج.

.اقرأ أيضاً:

تأخيرات بطاقة الإقامة في فرنسا.. وعود بالإصلاح وتحديات مستمرة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!