فرنسا

تحولات وتحديات المسلمين الفرنسيين وإكراهات الرحيل

اخبار فرنسا-يعتقد هؤلاء المواطنون الفرنسيون، بما فيهم مصرفيون وموظفون حكوميون وأساتذة جامعيون، أن السلطات العامة والعديد من وسائل الإعلام، بالإضافة إلى جزء من الرأي العام، تزداد قسوتها تجاههم كل عام.

يشعرون بالاستياء من عدم الثقة التي يلقونها، ومن الأجواء التي أصبحت أكثر ضيقًا منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. في هذه الجمل، خلاصة لوموند لوضع عدد من المسلمين الفرنسيين وذوي الأصول العربية، الذين يشتركون في نفس المشاعر مثل الفزع والشعور بالعجز والمرارة والغضب والحزن، على الرغم من أنهم لا يعرفون بعضهم البعض.

وأوضحت الصحيفة، في تقرير كتبته لويز كوفلير، أن الأشخاص الذين التقت بهم – وقد غيرت أسماؤهم الأولى – رفضوا التحدث بشكل علني بوجه مكشوف، خشية التعرض للمشاكل، وأعربوا عن اعتقادهم بأن هجوم حماس كان نقطة تحول جديدة في انعدام الثقة تجاههم.

وأدان هؤلاء الفرنسيون الخطاب السياسي والإعلامي الموجه ضد المسلمين والأجواء الضاغطة، وانتقدوا “تهاون السلطات العامة” في التعامل معهم، وعبروا عن حزنهم على فرنسا التي “أعطتهم الكثير” والتي “كونتهم” لتجعل منهم في النهاية مواطنين مختلفين وضحايا يواجهون عوائقًا غير مرئية مهنيًا.

وقال هارون، البالغ من العمر 52 عامًا والذي يعمل في المصرفة وحاصل على درجة في إدارة الأعمال من كلية مرموقة، “مهما فعلنا ومهما بذلنا من جهود، ومهما كانت مهاراتنا، فإننا مرتبطون بأصولنا وهويتنا المذهبية ومعاقون في حياتنا المهنية”، ويعتقد أنه لم يحصل على الوظيفة التي كان يستحقها.

وقالت الصحيفة إن بعض الأشخاص الذين التقت بهم يشعرون بالاكتئاب وهم يعترفون بارتباطهم بالجمهورية التي يحبونها ولكنها لا تحبهم، حيث قال يوسف، البالغ من العمر 62 عامًا والذي يعمل كموظف حكومي وناشط مجتمعي، “أخبرنا آباؤنا أننا لسنا في بلدنا وأننا مجرد ضيوف، لكننا لم نرغب في تصديقهم، ومع ذلك، علينا اليوم أن نعترف بأننا أبناء غير شرعيين لفرنسا”.

ووصل الأمر ببعض هؤلاء إلى التفكير في الهجرة، حيث قالت رئيسة تحرير موقع سفيرنيوز الإخباري، حنان بن رحومة، إن “الأمر لا يتعلق بالضرورة بالذهاب إلى بلد مسلم، بل باختيار العيش في بلد حيث يمكن لهم الاستفادة من نفس الفرص التي يمكن لأي شخص آخر ذو مهارات متساوية الاستفادة منها”.

ويضيف عبد الغني بنعلي، الأستاذ الباحث في جامعة السوربون الجديدة وإمام مسجد سان أوين، “الهجرة إلى أرض الإسلام كانت دائما تحدث، ولكن ما نشهده اليوم مختلف، فهي هجرة صامتة للموظفين المسلمين من المستويين المتوسط والعالي، بسبب التمييز ضدهم”.

وكما ورد في كتاب “فرنسا.. أنت تحبها ولكنك تتركها: استطلاع عن الجالية الفرنسية المسلمة”، فإن الوجهة المحتملة للهجرة قد تكون المغرب أو الإمارات أو الولايات المتحدة أو كندا أو المملكة المتحدة، ولكن “من الصعب للغاية قياس حجم هذه الظاهرة، حيث بلغت حالات المغادرة الآلاف وربما عشرات الآلاف”.

وما زال إسماعيل وهارون مترددين في المغادرة مثل سمير الذي يقول “زوجتي طبيبة، وهي مستعدة للمغادرة، كما فعل 4 من صديقاتها، رغم أنهن غير محجبات وبعضهن لا يتحدثن العربية، وهن الآن في المغرب. لكن ماذا نفعل هناك؟ إنه بلد آبائنا وليس بلدنا، ووطننا هو فرنسا”.

ويضيف سمير، البالغ من العمر 39 عامًا والذي حصل على درجة الماجستير، “كنت أومن بنجاح الجمهورية ولكنني كنت مخطئًا”، وهو الآن مقتنع بأن مستقبله في فرنسا قد انتهى.

ويقول بيأس “مهما فعلت، فأنا مجرد عربي ومسلم، ومنذ السابع من أكتوبر لم أعد أتكلم. تحاصرني التهم، ولا أريدهم أن يضيفوا معاداة السامية إلى القائمة”.

وأشارت الكاتبة إلى انتشار الخطابات المعادية للمسلمين في بعض وسائل الإعلام، وإصدار القوانين المختلفة، ففي 2021 قانون “الانفصالية” ثم “مطاردة” “اليساريين الإسلاميين” في الجامعات، وحل التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا عام 2020، والجدل المتكرر حول ارتداء الحجاب أو البوركيني، ثم منع العباءة والقميص في المدارس مع بداية العام الدراسي 2023، ثم إغلاق المساجد، وحظر استراحة الإفطار أثناء المباريات، وغير ذلك.

وقال هارون “الأمر لا يتوقف أبدا، لقد أصبحنا “أصولا تجارية” للسياسيين والإعلام، وأنا الذي كنت مقتنعا بأن الجمهورية يمكن أن تقدم لنا كل شيء إذا أردنا ذلك، عدت عن ذلك”، وهو اليوم كأستاذ يشجع طلابه على مغادرة فرنسا للحصول على “الحياة والمهنة التي يستحقونها”.

وقال يوسف، الموظف الحكومي، “الجو كله قذر”، وهمس قائلاً “يتحدث العالم السياسي جيل كيبيل عن تفاقم الجهادية، وكثيرون يستمعون إليه، ونحن نتحدث عن تفاقم الإسلاموفوبيا ولكن لا أحد يريد أن يسمعنا”، وأضاف أن من لديهم الإمكانيات فقط هم من يمكنهم اتخاذ قرار المغادرة اليوم، متأسفًا على أن “فرنسا تخسر الكثير من المواهب التي دربتها”.

.اقرأ أيضاً:

قد تصل فاتورة الضرائب إلى 70 ألف يورو فجأة..هكذا تؤثر الأخطاء المحاسبية على الأجانب في فرنسا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!