فرنسا

أهم تشريعات وتدابير الاتحاد الأوروبي بمايتعلق بالهجرة واللجوء

اخبار فرنسا-شهدت الساحة الأوروبية في السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً لتيارات اليمين المتطرف، بعد أن كانت قد تراجعت لعقود عن التأثير في المشهد السياسي.

جاء هذا الصعود  نتيجة تداخل عدة عوامل سياسية واقتصادية، جعلت من الهجرة واللجوء محوراً أساسياً لخطاب هذه الأحزاب التي يتجاوز عددها الخمسين حزباً في أوروبا. نتائج الانتخابات الأوروبية في يونيو 2024، لم تكن مفاجئة، حيث تصدرت هذه الأحزاب المشهد في ثماني دول، وفازت كتلة المحافظين والإصلاحيين المتطرفة بـ72 مقعداً، وكتلة الهوية والديمقراطية بـ58 مقعداً، في حين حصد حزب “البديل من أجل ألمانيا” 14 مقعداً رغم انسحابه من كتلة الهوية والديمقراطية قبل الانتخابات. هذه النتائج أظهرت مدى التأثير المتزايد لهذه الأحزاب، وانعكس هذا التأثير على الانتخابات التشريعية في فرنسا والجولة الأولى من الانتخابات الإقليمية في ألمانيا.

كيف يستغل اليمين المتطرف ملف الهجرة واللجوء؟

اعتمد اليمين المتطرف في أوروبا على خطاب الكراهية كأداة لجذب الناخبين، مع التركيز على الربط بين الهجرة والأزمات الاقتصادية والأمنية. في بعض الأحيان، تبنت هذه الأحزاب خططاً صارمة لترحيل المهاجرين، مما ساهم في زيادة حوادث العنف التي ارتكبها بعض اللاجئين. في المقابل، سعى البرلمان الأوروبي المنتهية ولايته إلى تشديد سياسات الهجرة، إلا أن هذه الإجراءات لم تكن كافية لإرضاء اليمين المتطرف الذي استمر في استغلال ملف الهجرة واللجوء لجذب المزيد من الأصوات الانتخابية.

اجتماع حزب “البديل من أجل ألمانيا” مع نظيره النمساوي في نوفمبر 2023، يُعد دليلاً على تبني سياسة “الهجرة العكسية”، التي تهدف إلى طرد مئات الآلاف من المهاجرين من دول الاتحاد. أما في إيطاليا، فقد تبنت زعيمة حزب “إخوة إيطاليا” جورجيا ميلوني مشروعاً معادياً للهجرة قبل توليها رئاسة الحكومة، مما ساهم في فوز تحالف اليمين بـ44.2% من الأصوات.

استغلال اليمين المتطرف للهجرة في ألمانيا

ألمانيا، التي تحملت عبء موجات اللجوء منذ 2015، كانت ساحة رئيسية لاستغلال اليمين المتطرف لهذا الملف. حزب “البديل من أجل ألمانيا” كان في طليعة المنتقدين لسياسات الهجرة، وروج في أغسطس 2023 لوثيقة مزورة نُسبت للشرطة، تربط بين الهجرة وتهديدات أمنية. في سبتمبر 2024، استغل الحزب مظاهرات كبيرة في غورليتس شرق ألمانيا لنشر الخوف بين السكان من المهاجرين.

تراجع الاهتمام بالقضايا البيئية والتنموية

في ظل تأثير اليمين المتطرف المتزايد، تراجعت الأولويات البيئية والتنموية في البرلمان الأوروبي لصالح تشديد قوانين الهجرة، حيث تبنى البرلمان في أبريل 2024 ميثاقاً جديداً يسمح باستخدام تقنية التعرف على الوجه وبيانات المهاجرين. كما أُقرت إصلاحات جديدة في مايو 2024، تضمنت تشديد الرقابة على الحدود وإرسال المهاجرين إلى دول أخرى لمعالجة طلباتهم.

تداعيات سيطرة اليمين المتطرف على ملف الهجرة

سيطرة اليمين المتطرف على ملف الهجرة أدت إلى تعميق الانقسامات المجتمعية في أوروبا، وتعزيز خطاب الكراهية. هذه السياسات تهدد بزيادة عزلة المهاجرين وتفاقم التوترات السياسية بين الأحزاب الليبرالية والمحافظة، في حين يُصر اليمين المتطرف على تبني سياسات أكثر تشدداً.

التوجه نحو “الأبواب المغلقة”

تتجه معظم دول الاتحاد الأوروبي إلى تبني سياسات “الأبواب المغلقة”، إلا أن هذه الإجراءات لا ترضي اليمين المتطرف، الذي يطالب بالمزيد من القوانين الصارمة التي تستهدف حتى المهاجرين المقيمين. في ألمانيا، على سبيل المثال، أدت الضغوط المتزايدة إلى تبني سياسات أكثر صرامة تجاه اللاجئين، مما يثير مخاوف من تدهور الوضع الإنساني.

مستقبل الهجرة واللجوء في أوروبا

يُظهر المشهد السياسي في أوروبا توجهاً واضحاً نحو اليمين، مما يعني أن قضايا الهجرة ستظل محوراً رئيسياً في السياسات الأوروبية. يجب على الأحزاب التقليدية أن تتبنى سياسات متوازنة تضمن الأمن القومي وفي الوقت نفسه تحافظ على المبادئ الإنسانية التي يتبناها الاتحاد الأوروبي، خاصة في ظل تزايد أعداد اللاجئين بسبب النزاعات الدولية.

الحاجة إلى استراتيجيات متوازنة

للتعامل مع هذه التحديات، من الضروري أن تتبنى الحكومات الأوروبية سياسات معتدلة توازن بين أمن الدول وحقوق المهاجرين. استخدام التكنولوجيا، مثل الذكاء الاصطناعي، في مراقبة الحدود ومعالجة طلبات اللجوء يمكن أن يسهم في تحسين الكفاءة والعدالة. كما يجب على المجتمعات الأوروبية مواجهة خطاب الكراهية واستغلال اليمين المتطرف للأزمات، من خلال تعزيز دمج المهاجرين وتقديم صورة متوازنة عن تأثير الهجرة على المجتمع.

في الختام، يشير صعود اليمين المتطرف في أوروبا إلى تغيرات جذرية في المشهد السياسي، مما يستدعي استجابة سياسية واقتصادية تضمن التوازن بين حماية الأمن القومي وتعزيز القيم الديمقراطية.

.اقرأ أيضاً:

جميع التفاصيل المتعلقة بالتأشيرة الجديدة بقيمة 10 جنيهات إسترلينية التي سيحتاجها الأوروبيون لدخول المملكة المتحدة قريباً

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!