اخبار فرنسا-في ضوء التهديدات الأخيرة من بعض زعماء الأحزاب اليسارية المتطرفة بعزل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تزداد التساؤلات حول آلية عزل الرئيس في فرنسا وإمكانية تحقيق ذلك.
آلية العزل الرئاسي في فرنسا
عزل الرئيس في فرنسا ليس بالأمر السهل، إذ يعود هذا النظام إلى عام 2007 عندما تم إدخال المادة 68 إلى الدستور الفرنسي، والتي تنص على إمكانية عزل الرئيس إذا أخلَّ بواجباته بشكل يتعارض بشكل صارخ مع ممارسة ولايته. ومع ذلك، لم يتم تفعيل هذه المادة حتى الآن.
من يمكن عزله؟
يقتصر هذا الإجراء على الرئيس فقط، ويمكن تحريك الدعوى إذا اعتُبر أن الرئيس قد أخلَّ بواجباته الدستورية، سواء كان ذلك عبر رفضه توقيع القوانين التي أقرها البرلمان، أو حتى من خلال سلوكياته الشخصية التي قد تسيء إلى كرامة منصبه.
من يقوم بتحريك إجراءات العزل؟
ليست هذه العملية مفتوحة لعامة الشعب، بل هي حكر على السياسيين. يمكن تحريك الاقتراح الأولي للعزل إذا دعمه ما لا يقل عن 10% من أعضاء الجمعية الوطنية أو مجلس الشيوخ، أي 58 نائباً أو 35 عضواً في مجلس الشيوخ.
خطوات عملية العزل
إذا حصل الاقتراح على الدعم الكافي، تتحول العملية إلى عدة مراحل، حيث يجب على البرلمان أولاً أن يتخذ قرارًا بتحويل نفسه إلى “محكمة عليا”. يتطلب ذلك مصادقة من مكتب الجمعية ومن ثم لجنة القانون. وفي النهاية، يُعرض الاقتراح على المجلس للتصويت، حيث يجب أن يحصل على موافقة ثلثي الأعضاء. وبعد ذلك، تُعاد نفس العملية في مجلس الشيوخ، مع شرط تحقيق نفس الأغلبية.
إذا تم اجتياز هذه العقبات، يُجرى تصويت سري على العزل، ويجب أن يُحقق نفس الأغلبية. الجدير بالذكر أن الرئيس يظل في منصبه طوال فترة الإجراءات.
هل حدثت محاولات للعزل من قبل؟
قبل تعديل عام 2007، كانت الطريقة الوحيدة لعزل رئيس فرنسي هي محاكمته أمام المحكمة العليا بتهمة “الخيانة العظمى”. وعلى الرغم من أن العديد من رؤساء الوزراء الفرنسيين قد أُطيح بهم عبر التاريخ بطرق غير رسمية، إلا أن الجمهورية الخامسة لم تشهد عزل أي رئيس. ففي عام 2016، حاول حزب الجمهوريين اليميني عزل الرئيس فرانسوا هولاند بتهمة إفشاء أسرار الأمن القومي، لكن التصويت فشل بسهولة.
ماذا يحدث في حالة العزل؟
في حال نجاح عملية العزل، تُجرى انتخابات رئاسية مبكرة. يجب عدم الخلط بين عملية العزل والمصطلح الفرنسي “l’empêchement”، الذي يتعلق بمنع الرئيس من ممارسة مهامه إذا ثبت عجزه العقلي عن الحكم، وهذا الأمر يقرره المجلس الدستوري.
هل من المحتمل عزل ماكرون؟
الضجة حول العزل أثارها زعيم اليسار جان لوك ميلينشون، الذي هدد بعزل ماكرون بعدم تعيينه رئيس وزراء جديداً بعد الانتخابات البرلمانية المبكرة في يوليو. وعلى الرغم من أن حزبه “فرنسا المتمردة” يهدد بالعزل، إلا أنه لم يُقدّم حتى الآن أي طلب رسمي في البرلمان.
يبدو أن حزب اليسار الفرنسي يفتقر للدعم اللازم، حتى داخل تحالفه اليساري، ناهيك عن ضرورة الحصول على دعم من نواب وشيوخ يمينيين ووسطيين للوصول إلى الأغلبية المطلوبة. لذا، تبدو احتمالات نجاح عزل ماكرون ضئيلة للغاية في الوقت الحالي، ويبقى في منصبه دون اتهام رسمي.
.اقرأ أيضاً:
سياسة “عدم الاستقبال” تفجر توترات قاتلة بين المهاجرين في فرنسا!