في خطوة غير مسبوقة ..فرنسا تحاكم غيابياً مسؤولين في النظام السوري بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية

اخبار فرنسا-في خطوة غير مسبوقة، ستشهد فرنسا بدءًا من يوم الثلاثاء أول محاكمة غيابية لمسؤولين بارزين في نظام الرئيس السوري بشار الأسد. تُجرى المحاكمة أمام محكمة الجنايات في باريس وتستمر لأربعة أيام، متهمة هؤلاء المسؤولين بالتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب تتعلق بمقتل الفرنسيين من أصل سوري باتريك الدباغ ووالده مازن، اللذين اعتقلا في عام 2013.
سياق القضية وأهمية المحاكمة
تبدأ المحاكمة في 21 مايو، وتتناول قضية اختفاء ووفاة باتريك الدباغ ووالده مازن. كان باتريك طالبًا في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بدمشق، بينما كان والده مستشارًا تربويًا رئيسيًا في المدرسة الفرنسية بالعاصمة السورية. اعتقلا في نوفمبر 2013 على يد عناصر من المخابرات الجوية السورية، وفقًا للشهادات.
مازن درويش، رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، الذي يدعم القضية، أشار إلى أن هذه المحاكمة هي الأولى من نوعها لمسؤول سوري لا يزال جزءًا من النظام. وأكد أن المحاكمة تتعلق بوقائع “الاعتقالات التعسفية والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء”، التي وصفها بأنها منهجية من قبل النظام.
المتهمون وأدوارهم
المتهمون الثلاثة هم علي مملوك، مستشار أمني للرئيس الأسد، جميل حسن، المدير السابق لإدارة المخابرات الجوية، وعبدالسلام محمود، المدير السابق لفرع التحقيق في الإدارة. لن يمثل أي منهم أمام المحكمة، حيث تستمر المحاكمة لأربعة أيام بمشاركة ثلاثة قضاة من دون محلفين، وسيتم تصوير جلسات الاستماع لحفظها ضمن أرشيف القضاء. ولأول مرة، ستتوفر الترجمة العربية للجمهور في محكمة الجنايات بباريس.
خلفية الضحايا ومعاناتهم
وفقًا لشهادات عدة، تم نقل باتريك ومازن إلى مطار المزة قرب دمشق، أحد أسوأ مراكز التعذيب التابعة للنظام. أُعلن عن وفاتهما في أغسطس 2018، بعد اختفائهما لفترة طويلة. شهادات الوفاة أشارت إلى أن باتريك توفي في يناير 2014 ومازن في نوفمبر 2017. توصل قضاة التحقيق إلى أن الرجلين عانيا من تعذيب قاسٍ أدى إلى وفاتهما.
الشهادات والأدلة
قدّم عشرات الشهود، بمن فيهم فارون من الجيش السوري ومحتجزون سابقون، تفاصيل للمحققين الفرنسيين وللجنة الدولية للعدالة والمساءلة حول التعذيب في سجن المزة. تحدثوا عن الضرب بالقضبان الحديدية، الصدمات الكهربائية، والعنف الجنسي.
طرد العائلة والاستيلاء على الممتلكات
في يوليو 2016، طُردت زوجة مازن الدباغ وابنته من منزلهما في دمشق، الذي استولى عليه عبدالسلام محمود. نص الاتهام على أن هذه الوقائع قد تشكّل جرائم حرب وابتزاز وتمويه ابتزاز، مشيرة إلى أن الحجز على ممتلكات السوريين المختفين أو المعتقلين أو المهجرين كان ممارسة شائعة للنظام.
أمل في العدالة
المحامية كليمانس بيكتارت، التي تمثل عددًا من الأطراف المدنية، أكدت أن هذه المحاكمة قد تبدو رمزية للبعض، لكنها جزء من عملية طويلة لمكافحة الإفلات من العقاب على جرائم النظام السوري. وأشارت إلى أن الكفاح من أجل العدالة هو أيضًا كفاح من أجل الحقيقة، محذرة من تطبيع العلاقات مع نظام الأسد.
المحاكم الدولية ومسار العدالة
لا توجد حاليًا مساعٍ لمحاكمة أعضاء الحكومة السورية داخل سوريا، حيث يُعتقد أن المحاكم تخدم مصالح الرئيس. استهدفت محاكمات سابقة في أوروبا مسؤولين سابقين، لكن لا توجد قضايا أمام المحاكم الدولية لأن سوريا ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، أمرت محكمة العدل الدولية سوريا بوقف التعذيب.
.اقرأ أيضاً:
فرنسا تقرّ قانون جديد يُقلل رسوم البنوك الفرنسية في هذه الحالات..