فرنسا

موقف أرباب العمل في فرنسا من سياسات اليسار الاقتصادية

اخبار فرنسا-في خطوة أثارت الكثير من الجدل، أطلقت نقابة أرباب العمل الفرنسية، عبر رئيسها، تصريحات حادة تنتقد فيها سياسات اليسار الاقتصادية، محذرة من تداعياتها المحتملة على الاقتصاد الفرنسي.

ويعتبر أرباب العمل أن استلام اليسار للسلطة سيكون بمثابة “كارثة” للاقتصاد الفرنسي، مستندين إلى مخاوفهم من تداعيات رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1700 يورو، حيث يرون أن هذه الخطوة ستؤدي إلى زيادة معدلات التضخم والبطالة، وترفع من معدلات إفلاس الشركات الصغيرة.

كما يشيرون إلى أن إلغاء قانون التقاعد الجديد، الذي تم سحبه من قبل رئيس الوزراء الحالي قبيل الانتخابات، يعني تخفيض سن التقاعد، مما سيؤدي، بحسب أرباب العمل، إلى إفلاس نظام التقاعد الحالي المعتمد على التوزيع. وبالنسبة للإجراءات الأخرى، مثل إلغاء الضريبة على القيمة المضافة الإضافية على المحروقات، فإنها ستؤدي إلى زيادة عجز الدولة وديونها، في وقت وضعت فيه بروكسل فرنسا تحت المراقبة، ما يعني أن باريس مضطرة لتقديم خطة لتخفيض عجز الدولة الذي تجاوز 5٪ في السنة الماضية.

انتقادات سياسات تشجيع الطلب

تأخذ نقابة أرباب العمل على اليسار الحالي تبني سياسة اقتصادية تعتمد على تشجيع الطلب أي الاستهلاك، بدلاً من سياسة تشجيع العرض. منذ النصف الأخير من ولاية هولاند، أي منذ حوالي العقد والنصف، لم يتطرق أرباب العمل في انتقاداتهم إلى أن اليسار ركز على أهمية استثمار الدولة في رفع الإنتاجية، مما يؤدي إلى زيادة القيمة المضافة التي يشارك فيها رأس المال مع العمل.

تاريخ السياسات الاقتصادية في فرنسا

تاريخياً، اعتمدت السياسة الاقتصادية الفرنسية لزيادة النمو على تشجيع الطلب، من خلال رفع القوة الشرائية، ما يؤدي إلى نمو اقتصادي أكبر، وإن حدث ذلك بعد فترة من التضخم. خلال العقدين الماضيين، جربت فرنسا طريقتين لدفع النمو: تشجيع العرض ودعم الطلب. لكن اتضح أن السياستين فشلتا في رفع النمو والإنتاجية أو تحسين القدرة التنافسية لفرنسا في الخارج. كما لم تتمكن السياستان من تحسين التجارة الدولية وأغرقت الدولة بالديون.

مشاكل بنيوية وتحديات مستقبلية

من الجدير بالذكر أن لكل من برامج اليسار واليمين مزايا وعيوب، لكنها لا تحل المشاكل البنيوية الحالية في فرنسا، مثل شيخوخة المجتمع، والانخفاض الهائل في المستوى العلمي خلال سنوات قليلة، وانخفاض مستوى الاستثمار الصناعي والتقني خاصة في القطاعات الحديثة أو المستقبلية. وهذه استثمارات طويلة الأمد لا تعطي نتائجها الإيجابية إلا بعد بضع سنوات. في ظل ارتفاع ديون الدولة إلى أعلى مستوياتها منذ الحرب العالمية الثانية، فإن الدين العام الفرنسي أكبر نسبياً مما كان عليه الدين العام اليوناني في بداية الأزمة.

في الختام، يتضح أن التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا تتطلب نهجاً شاملاً يجمع بين أفضل ما في سياسات العرض والطلب، مع التركيز على الاستثمار في المستقبل وحل المشاكل البنيوية. يحتاج صناع القرار إلى التفكير في حلول مستدامة، تعزز من قوة الاقتصاد الفرنسي وتجعل منه أكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية.

 

.اقرأ أيضاً:

 

أسماء الأطفال الأكثر شعبية في فرنسا لعام 2023

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!