فرنسا

ما هي “مدينة الـ 15 دقيقة” وكيف تُطبق في باريس؟

اخبار فرنسا-تعتبر باريس واحدة من المدن الرائدة في العالم التي تسعى جاهدة لتحقيق مفهوم “مدينة الـ 15 دقيقة”. لكن ما الذي يعنيه هذا المفهوم، وكيف يؤثر على الحياة اليومية في العاصمة الفرنسية؟

ما هو نموذج “مدينة الـ 15 دقيقة”؟

تقوم فكرة “مدينة الـ 15 دقيقة” على أن جميع احتياجات السكان اليومية – سواء كانت التسوق، التعليم، الرعاية الصحية، الترفيه أو العمل – يجب أن تكون على بعد 15 دقيقة فقط سيرًا على الأقدام أو بالدراجة. اعتمدت عمدة باريس، آن هيدالغو، هذا المفهوم كجزء أساسي من خططها لتطوير المدينة، لكنه ليس فكرة جديدة. وقد تم ابتكاره لأول مرة من قبل المخطط الحضري كارلوس مورينو عام 2015، الذي أكد على أن تقليص فترات التنقل اليومي يسهم في تحسين جودة الحياة ويمنح الأفراد المزيد من الوقت للعائلة والترفيه والاهتمام بالبيئة.

هل يبدو هذا التخطيط بديهيًا؟

على الرغم من أن هذه الفكرة قد تبدو منطقية وبديهية، إلا أن بعض النقاد يرونها غير واقعية، حتى أن بعض السياسيين في الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وصفوها بأنها “اشتراكية”. يزعم هؤلاء أن تحويل المدن إلى مجتمعات صغيرة مكتفية ذاتيًا قد يؤدي إلى عزلة اجتماعية ويزيد من مراقبة الأفراد في حياتهم اليومية. ومع ذلك، يدافع المؤيدون عن أن هذه الخطة تهدف إلى تحسين جودة حياة الناس وليس خدمة السيارات، وتعزيز الصحة والراحة.

كيف يتم تطبيق هذا المفهوم في باريس؟

باريس تبذل جهودًا كبيرة لتحقيق هذه الرؤية. فمنذ عام 2020، بدأت العاصمة بتطوير البنية التحتية لتعزيز استخدام الدراجات والمشي. وقد شهدت المدينة تحسنًا كبيرًا في توفير متاجر المواد الغذائية، المدارس، المقاهي والمرافق الصحية في معظم الأحياء. ورغم أن 94% من سكان باريس يعيشون على بعد خمس دقائق من مخبز، إلا أن هناك نقصًا في المساحات الخضراء والخدمات الصحية في بعض المناطق. ومن التحديات الأخرى جعل أماكن العمل أقرب إلى الأحياء السكنية، أو تحسين مسارات المشي وركوب الدراجات للوصول إلى هذه الأماكن بسهولة.

أبرز التغييرات الملحوظة تشمل زيادة عدد مسارات الدراجات في جميع أنحاء المدينة، إلى جانب مشاريع خضراء مثل تحويل الشانزليزيه إلى مساحة صديقة للمشاة والبيئة. كما تم تطوير مناطق سكنية جديدة مثل Caserne des Minimes، والتي توفر مساكن ومرافق عامة متنوعة، بما في ذلك مراكز رعاية الأطفال ومكاتب ومساحات خضراء.

هل ينجح النموذج؟

تشير الدراسات إلى أن باريس تحقق تقدماً ملموساً نحو هذا النموذج، إذ وجدت دراسة نشرت في Nature Cities أن باريس وميلانو هما الأقرب لتحقيق رؤية “مدينة الـ 15 دقيقة”. بينما عادةً ما تكون المدن الأصغر أكثر قدرة على تحقيق هذا النموذج، تُعتبر باريس استثناءً بفضل بنيتها التحتية الواسعة.

رغم التقدم، لا يزال هناك الكثير من العمل لتحقيق هذه الرؤية بشكل كامل. لكن مع زيادة عدد الدراجات في الشوارع والمبادرات الخضراء، يبدو أن باريس تسير في الاتجاه الصحيح. وقد قدمت فاليري بيكريس، رئيسة منطقة إيل دو فرانس، مقترحاً لمفهوم “مدينة الـ 20 دقيقة”، مما يبرز أن هذا التوجه نحو مدن مكتفية ذاتيًا سيظل جزءاً من مستقبل التخطيط الحضري في باريس.

تحويل المدينة إلى شبكة من المجتمعات المحلية يحتاج إلى وقت وموارد، ولكن النتائج ستساهم في تحسين حياة السكان بشكل جذري.

.اقرأ أيضاً:

هل يمكن التقدم بطلب للحصول على حد أقصى لضريبة الملكية الفرنسية!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!