تحول يميني في السياسة الفرنسية ..وهذا تأثيره على ملف الهجرة

اخبار فرنسا-بعد مفاوضات شاقة وجولات طويلة من المشاورات، تم التوصل إلى اتفاق لتشكيل الحكومة في فرنسا، وسط تجاذبات لم تقتصر على الأحزاب اليمينية وحزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف، بل شملت أيضًا الرئيس إيمانويل ماكرون والوزير الأول ميشال بارنيي.
وجاءت التشكيلة الحكومية الجديدة لتعكس ميولًا يمينية واضحة، في محاولة لتهدئة الحزب اليميني المتطرف الذي يمكن اعتباره اللاعب الرئيسي في المشهد السياسي الحالي. تعيين ميشال بارنيي في منصب الوزير الأول لم يكن ليحدث دون موافقة حزب مارين لوبان، الذي يتولى دورًا محوريًا في البرلمان الفرنسي، حيث أصبح بمثابة الحكم الفعلي في الغرفة السفلى.
أما فيما يتعلق بتشكيلة الحكومة نفسها، فقد سيطرت عليها شخصيات تنتمي لما يعرف بـ”اليمين المسيحي التقليدي”، وهو تيار يميني محافظ قريب من الخطاب المتطرف. ومن بين هذه الشخصيات البارزة، نجد برونو روتايو، وزير الداخلية الجديد، الذي كان يشغل سابقًا منصب رئيس كتلة حزب الجمهوريين في مجلس الشيوخ، والمعروف بمواقفه المتشددة تجاه ملف الهجرة.
تعيين روتايو أثار موجة من الاستياء في الأوساط اليسارية، حيث انتقدت أحزاب اليسار هذه الخطوة بسبب مواقف روتايو المتطرفة، خصوصًا وأنه بدأ مسيرته السياسية إلى جانب فيليب دوفيليي، أحد أبرز وجوه اليمين المتطرف والمقرب من إريك زمور، الذي يُعتبر من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في الساحة السياسية الفرنسية بسبب تصريحاته العنصرية.
كما أعربت جمعيات حقوقية ومؤسسات داعمة للمهاجرين عن قلقها من تولي روتايو مسؤولية ملف الهجرة، متوقعة أن تشهد الفترة المقبلة تضييقًا على نشاطاتها في تقديم الدعم للمهاجرين غير الشرعيين. ويخشى مراقبون أن يسعى روتايو، بصفته شخصية بارزة في حزب “الجمهوريين”، إلى فرض سياسات أكثر صرامة في ملف الهجرة، وهو ما تعهد به الوزير الأول بارنيي فور تعيينه، بهدف كسب رضا “التجمع الوطني”.
وفي أول تصريحاته بعد تعيينه، أكد روتايو على ضرورة تبني سياسة صارمة، معبرًا عن دعمه الكامل لقوات الأمن، التي تواجه اتهامات متكررة بانتهاك حقوق المهاجرين، سواء كانوا شرعيين أم غير شرعيين.
وعن موقفه من الجزائر، يُعرف عن روتايو تأييده الشديد لمراجعة اتفاقيات 1968 بين الجزائر وفرنسا، التي تمنح (نظريًا) للمهاجرين الجزائريين بعض الامتيازات. كما أنه من أشد المعارضين لفكرة اعتراف فرنسا بجرائمها الاستعمارية، ولم يتردد في إطلاق تصريحات مثيرة للجدل، أبدى فيها إعجابه بما حققته فرنسا خلال فترة استعمارها للجزائر التي امتدت لأكثر من قرن.
وفي ظل التوتر الذي كان يسود العلاقة بين الجزائر وسلفه جيرار دارمانان، خصوصًا فيما يتعلق بملف طرد المهاجرين غير الشرعيين، يُتوقع أن تتجه الأمور إلى مزيد من التعقيد مع تولي روتايو المسؤولية. إذ يتوقع مراقبون أن تشهد العلاقات بين باريس والجزائر مزيدًا من التوتر، خصوصًا مع مواقف روتايو الحادة، ما يجعل المستقبل مفتوحًا على جميع الاحتمالات في هذا الملف الحساس.
.اقرأ أيضاً:
جميع التفاصيل المتعلقة بالحصول على لقاح الإنفلونزا في فرنسا لعام 2024!